الاثنين، 17 أكتوبر 2011

مِصر فى زمن الحرية

حينما سمعت خطاب التنحى وقرار المخلوع فاقد الشرعية الدستورية رحلت بعقلى وخيالى إلى بلادى فى زمان الجلادين وبلادى فى زمان الحُرية القائِمة على تقاليد مصرية أصيلة لا تسعى أبداً للبلطجة أو التدمير أو الإرهاب .
ووجدت الفارق وقد أصبح شاسعاً شتان ما بين الماضى والحاضِر ، إلا أن الفارق أصبح عِبئاً على إرادة الشعب فيقاوم تقدمه ويُحارب من يبنوا مجده ، ترسخ فى مفهوم القِلة من الشعب المصرى أن التعامُل الآن أصبح بالقوة ولا شئ غير القوة بالإضافة إلى سُحب الشك التى غيمت على سماء المجلس العسكرى وتُستمر فى تقديم أدلة على إدانة القوات المسلحة بكُل السُبل الممكنة وأرى أن ما يحدُث قلق طبيعى مِن مُستقبل مجهُول وتجربة بدون ضمانات ولا معالم واضحة وخطوط مستقيمة ، فالأقباط يخشون من مستقبل مصر السياسى ويتساءلون من سيدير الدولة وما هو الوضع الحقيقى الذى سيصبحون عليه بعد تولى حكم مصر الإسلاميين على سبيل المِثال ، ولكننى أقولها بكُل صدق وأشهد الله على قولى أنه لا حاجة للإرتياب ولابد أن نستعيد ثقتنا فى قواتنا المسلحة وقادتها وأن نقف كحائط الصد ضد أى محاولة لتفتيت وحدتنا مسلم أو مسيحى فالدين لله والوطن للجميع ، ولنعلم أن مضى الوقت فيما لا يفيد الشعب المصرى ويرفع مكانته لا يصب فى مصلحتنا ولا يعزز ثقة العالم في مصر .

وفى سياق ماحدث أمام ماسبيرو ومقتل وإصابة مالا يقل عن ٣٠٠ شخص فهذا شأن من شؤون مصر الداخلية لا يحِق لأحد أن يتدخل فيها أبداً بأى مبررات أو أساليب ، وأجيب على الإستنكار الأوروبى لمصر ودعوتها لحماية الأقليات المسيحية ..أولاً أوروبا هى من حظرت الحجاب على أراضيها وفرضت شروطاً بالغة فى الصعوبة للحصول على تراخيص بناء المساجد وهذا تصرف أعتقد لا يليق بحماية الأقليات أو حتى الوقوف بجانبهم بل على العكس يضطهدون المسلمين ويُقتلونهم ويحرقوا المساجد فأين التعددية هنا أو العدالة يا دول الحق والواجب وحقوق الإنسان ، وعلى الجانب الآخر فحتى فى مصر لا يُضطهد مسيحى ولا يُقتل بأيدِ مسلمة ويعمل المسيحيين فى كل مرافق الدولة العامة والخاصة حتى فى المخابرات العامة ونحن كمصريين لا نُفرق أبداً بين مسلم أو مسيحى أو حتى يهودى لأننا فى النهاية فى خندق واحد تحت راية واحدة وهى مصر حتى النهاية ، أدعو قادة أوروبا إلى تفحص ما يردها من معلومات إستخباراتية وإعلامية إلى التأكد من مدى صحتها وقوة مصدرها حتى لا تفرضوا على مصر إطاراً من الضباب يستحيل بعده أن يرانا العالم على الحقيقة ، ولا تزايدوا على مصر فمصر باقية إلى الأبد صامدة فى وجه المِحن ، مرفوعة الرأس ، يحميها الخالق وإرادة شعبها العظيم .

ومن منظور آخر وعلى المستوى العربى ساعدت مِصر فى إتمام صفقة تبادُل الأسرى بين المُقاومة وإسرائيل والتى تُقِر بالإفراج عن 1027 أسيراً فلسطينياً بالمعتقلات الإسرائيلية منهم 315 أسيراً بأحكام مُؤبدة فى مُقابل إطلاق سراح الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط ،

ويبدُو أن المُخابرات المصرية والمجلس العسكرى قد أدوا دوراً هاماً فى إتمام الصفقة كى يضعوا فى أذهان المصريين مُجرد مبدأ الإفراج عن جابرييل إيلان أو الإستجابة لأى عرض تقدمه الولايات المُتحدة ولكن الإختلاف ما بين الصفقتين كبير فإسرائيل وفلسطين بينهما حرب دائرة منذ زمان طويل وشاليط كان أسيراً وسيفرج عنه مُقابل أسرى أيضاً أما جابرييل إيلان فهو جاسوس إسرائيلى على الأراضى المصرية والتى من المُفترض أنها تنعم بالسلام مع جارتها إسرائيل بحُكم كامب ديفيد ولا يُمكِن أبداً أن نفترض فِكرة التبادُل من الأساس .

كما أن هناك عامل ضغط كبير وهو الولايات المُتحدة التى تعلم مدى أهمية إيلان الأمريكى الإسرائيلي ، هكذا يحاولون زرع الأفكار من جذورها بعقولنا ثم الإفصاح عن التشاوُر بشأن صفقة لتبادل إيلان حتى نقول جميعاًً كيف تفرج المُقاومة عن جندى يُقاتلهم بالسلاح ولا نُفرج عن جاسوس لا يحمل سلاح .

كنت أخشى بعد حُكم المجلس العسكرى من أخطاء لا تُغفر ولا ينساها التاريخ ، ولازلت أترقب ما تدونه صفحة مصر الجديدة فى كتاب الحرية والإستقلال فى القرارات وإدارة شؤوننا الداخلية بما نراه فى مصلحة مِصر وشعبها الأصيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق